فى تدبيره صلى الله عليه وسلم الملبس
وكان هَديُه فى لُبسه لما يلبَسُه أنفَعُ شىء للبدن ، فإنه لم يكن يُطيل أكمامه ، ويُوسِعُها ، بل كانت كُمُّ قميصه إلى الرُّسْغ لا يُجاوز اليد ، فتشق على لابسها ، وتمنعُه خِفَّة الحركة والبطش ، ولا تقصُرُ عن هذه ، فتبرز للحر والبرد .
وكان ذيلُ قميصه وإزاره إلى أنصاف الساقين لم يتجاوز الكعبين ، فيؤذىَ الماشى ويَؤُوده ، ويجعله كالمقيَّد ، ولم يقصُرْ عن عَضلة ساقيه ، فتنكشفَ ويتأذَّى بالحر والبرد .
ولم تكن عِمامته بالكبيرة التى يؤذى الرأس حملُها ، ويضعفُه ويجعله عُرْضةً للضعف والآفات ، كما يُشَاهَد من حال أصحابها ، ولا بالصغيرة التى تقصرُ عن وقاية الرأس من الحر والبرد ؛ بل وَسَطاً بين ذلك ، وكان يُدخلها تحت حَنكه ، وفى ذلك فوائدُ عديدة : فإنها تقى العنق الحر والبرد ، وهو أثبت لها ، ولا سِيَّما عِند ركوب الخيل والإبل ، والكرِّ والفرِّ ، وكثير من الناس اتخذ الكلاَليب عوضاً عن الحنك ، ويا بُعدَ ما بينهما فى النفع والزينة ، وأنت إذا تأملت هذه اللُّبسة وجدتها من أنفع اللُّبسات وأبلغِها فى حفظ صحة البدن وقوته ، وأبعدها من التكلف والمشقة على البدن .
وكان يلبسُ الخِفاف فى السفر دائماً ، أو أغلب أحواله لِحاجة الرِّجلين إلى ما يقيهما من الحر والبرد ، وفى الحَضَر أحياناً .
وكان أحبُّ ألوان الثياب إليه البياضَ ، والحِبَرَة ، وهى : البرود المحبَّرة .
ولم يكن مِن هَدْيه لُبس الأحمر ، ولا الأسود ، ولا المصبَّغ ، ولا المصقول
وأما الحُلَّة الحمراء التى لبسها ، فهى الرداءُ اليمانىُّ الذى فيه سوادٌ وحُمرة وبياض ، كالحُلَّةِ الخضراء ، فقد لبس هذه وهذه ، وقد تقدَّم تقريرُ ذلك ، وتغليطُ مَن زعم أنه لبس الأحمر القانى بما فيه كفاية .
نتمنى مشاركة اصدقائك الموضوع في حال اعجبك
مواضيع أخرى |
|||